اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

طالب وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه خلال زيارته الى لبنان يوم الأحد الفائت المسؤولين اللبنانيين بالالتزام وبتطبيق بأمور عدّة، وإلّا فإنّه "لن تتمّ دعوة لبنان الى طاولة المفاوضات من دون رئيس منتخب"، على ما حذّر الموفد الفرنسي. وانطلق سيجورنيه من "الورقة الفرنسية المعدّلة"، والتي لم يسلّمها الى المسؤولين خلال محادثاته معهم، بل ترك الأمر لما بعد ذلك بساعات، على ما قال، كونه سيضيف اليها بعض المقترحات التي رآها بأمّ العين، ولأخذ آراء بعض المعنيين ببعض النقاط قبل تقديمها بشكل رسمي الى لبنان. وأكثر ما شدّد عليه سيجورنيه كان ضبط النفس عند الحدود، لأن لا مصلحة لأحد أن يتوسّع الصراع بين حزب الله و "إسرائيل" وضرورة تطبيق القرار 1701. فضلاً عن إنجاز الإصلاحات ودعم الجيش وإعادة انتشاره في الجنوب، لعودة المنطقة الى الأمن والاستقرار.

مصادر سياسية مواكبة لزيارة سيجورنيه ومقترحاته أكّدت أنّ فرنسا لا تسعى فقط الى الحثّ على تطبيق القرار 1701 من قبل لبنان، إنّما تذهب الى مطالبة جميع الأطراف المعنية به، لا سيما "إسرائيل" بضرورة الالتزام به وبتطبيقه، لإعادة الأمن والاستقرار الى المنطقة الحدودية. ولهذا فإنّ الموفد الفرنسي الذي غادر من بيروت الى الرياض، سيعود الى "تلّ أبيب" لطرح ما سبق وتحدّث عنه مع المسؤولين اللبنانيين، والذي سيُدرج في "الورقة الفرنسية المعدّلة" أو ما يُسمّى كذلك بـ "خارطة الطريق" التي وعد بتقديمها الى المعنيين في لبنان، بعد القيام ببعض التنقيحات الضرورية عليها.

ويبدو أنّ الأمور تأخذ طابعاً أكثر جدية من السابق، على ما لفتت المصادر، إذ تسعى فرنسا الى تقديم آلية عملية لتطبيق القرار 1701 يمكن قبولها من قبل حزب الله كما من "الإسرائيليين" للتخفيف من حدّة التوتّر على الحدود وعدم توسيع الصراع أكثر. ففي الوقت الذي كان يطالب فيه الحزب من قبل الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، كما من الموفد الفرنسي الرئاسي جان إيف لودريان، بتراجع فرقة الرضوان أو وحدة النخبة مسافة تتراوح بين 7 و10 كيلومترات (على أن البحث لا يزال جاريا من قبل الأميركيين لتحديدها أكثر) من منطقة جنوب الليطاني، على أن توقف "إسرائيل" ضرباتها العسكرية في جنوب لبنان، يتمّ اليوم مناقشة صيغة جديدة. فقد عرض سيجورنيه على المسؤولين اللبنانيين، مقترحاً سُمي بـ "إعادة التموضع"، لا سيما مع رفض حزب الله سحب عناصره ومناصريه من منطقة سكنية تدخل ضمن السيادة اللبنانية، بهدف تأمين أمن المستوطنات الشمالية كما أمن القرى الجنوبية، وبالتالي وقف المواجهات العسكرية بين الجانبين.

وإذ تتضمّن المبادرة الفرنسية وقف إطلاق النار في غزّة، والقيام بصفقة تبادل الأسرى وإدخال المساعدات الإنسانية الى القطاع، فضلاً عن إعادة الهدوء الى الجبهة الجنوبية، وصفت المصادر نفسها هذه الأخيرة بأنّها خطوة إيجابية نحو إعادة الأمن والسلم الى لبنان والمنطقة.

وشدّدت على أنّ النجاح في إقرار وقف إطلاق النار في غزّة سينعكس على لبنان، وذلك خلافاً لما ألمح اليه سيجورنيه بعد زيارته لقوّات "اليونيفيل" في الجنوب، بأنّه "إذا لم تكن هناك حرب في غزة، يمكننا أن نتحدث عن وجود حرب في جنوب لبنان، بالنظر إلى عدد الضربات والتأثير في المنطقة". ولفتت الى أنّ كلامه هذا يدخل من ضمن التشجيع على تنفيذ المقترحات الفرنسية من قبل جميع الأطراف.

وبحسب المصادر ذاتها، فإنّ وقف الحرب في غزّة يعني حتماً وقف المواجهات في لبنان

والعراق واليمن انطلاقاً ممّا سُمي بـ "وحدة الساحات"، وإن كان "الإسرائيليون" يتحدّثون

عن خلاف ذلك بهدف تحقيق بعض المكتسبات هنا أو هناك. غير أنّ الأمر يبدو جلياً لحظة اتخاذ مثل هذا القرار، والبدء بتنفيذه من قبل حركة حماس و "الإسرائيليين". أمّا استمرار الحرب فيعني بالتالي استمرارها في الساحات المسانِدة، سيما أن التسوية الكبرى ستشمل دول المنطقة كافة.

وعمّا قاله سيجورنيه لحثّ اللبنانيين على ضرورة انتخاب رئيس الجمهورية في أسرع وقت ممكن، وإلّا فإنّ لبنان لن تُوجّه اليه الدعوة الى طاولة المفاوضات (خلال التسوية الإقليمية)، تقول المصادر السياسية انّ الوزير الفرنسي بالغ بعض الشيء في هذا الأمر، من أجل أن تُسرع الكتل النيابية في انتخاب الرئيس. وهذا ما يجب حصوله قبل أي أمر آخر. غير أنّ عدم انتخاب الرئيس لا يحول دون دعوة لبنان الى الطاولة، إذ بإمكانه أن يتمثّل برئيس حكومة تصريف الأعمال الذي يتكلّم حالياً باسم لبنان في المحافل الدولية الى حين انتخاب الرئيس.

وفي ما يتعلّق بتطبيق بالبند 8 من القرار 1701، الذي "يدعم وقفاً دائماً لإطلاق النار وحلّاً طويل الأمد يستند الى جملة أمور من ضمنها: إقامة منطقة بين الخط الأزرق والليطاني خالية من أي مسلحين أو ممتلكات أو أسلحة ، غير تلك التي تنشرها في المنطقة الحكومة اللبنانية وقوة الطوارئ الدولية، والتطبيق الكامل لبنود اتفاق الطائف، والقرارين 1559 (2004) و1680 (2006) اللذين يطالبان بنزع أسلحة كل المجموعات المسلحة في لبنان، لتصبح الدولة اللبنانية تملك أسلحة وتمارس سلطتها في لبنان"، فأوضحت المصادر السياسية ذاتها أنّ القرار يقصد "الأسلحة غير الشرعية"، في حين يعلم الجميع أنّ سلاح حزب الله مشرّع للدفاع عن العدو الإسرائيلي. أمّا تشريعه فحاصل عليه من البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة في لبنان منذ اتخاذ القرار 1701 بالإجماع في مجلس الأمن الدولي في 11 آب 2006 وحتى يومنا هذا. من هنا، يعمل الفرنسي على إيجاد آلية مقبولة لتطبيق هذا البند، وخصوصاً أنّ وجود الحزب في هذه المنطقة ليس ظهوراَ مسلّحاً، بقدر ما هو حضور يواكب وينسّق ويتعاون غالباً مع عناصر الجيش المنتشرين في المنطقة للحفاظ على السيادة اللبنانية وردع أي اعتداء إسرائيلي عليه.

من هنا، فإنّ "الإسرائيلي" سيكون معنياً بتطبيق بند الانسحاب من جميع الأراضي اللبنانية المحتلّة، على ما عقّبت المصادر، لا سيما من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر. فسحب قوّاته من الأراضي الجنوبية المحتلّة، يكفي وحده لعودة الهدوء والاستقرار الى المنطقة، لأنّ أحداً لن يتعدّى عليه ما لم يقم هو بالاعتداء على السيادة اللبنانية، على ما حصل خلال السنوات الماضية من خروقات للقرار 1701 وصلت الى أكثر من 35 اعتداء بريّاً وبحرياً وجويّاً على السيادة اللبنانية.

الأكثر قراءة

حزب الله يدشّن أولى غاراته الجوية... ويواصل شلّ منظومة التجسس ترسيم الحدود مع لبنان ورطة اسرائيلية... و«مقايضة» اميركية في رفح!